الجمعة، 11 ديسمبر 2009

على مائدة عم بدر السودانى

حنظله 2[4]يوم عيد الأضحى عقب صلاة الجمعه بإحدى الدول العربية , ألتفت فوجدته بجوارى يمسك بيدى والابتسامة الجميله تعلو وجهه الأسمر ….. إشراقه جميله …..  ابتسامه تجعل السعادة تغمرك …… تشعر تجاهه بود وحب غريب

أصر عم بدر أن يصطحبنى معه لتناول غذاء أول أيام العيد  الإصرار الذى لم أملك معه أى سبيل للتهرب أو التملص 

بأحد قاعات المنزل التففنا حول تلفاز البلازما نتابع إحدى القنوات الوثائقية  وكلماته الحلوة تعيد الىً الحياة من جديد كان يتحدث بحرفية الخبير فى معرفة أساليب القصص لحظات غبت فيها فى تفكير عميق طوفت خلالها أرجاء العالم من شرقه لغربه

حكايات أهالينا بالسودان احتفالاتهم عاداتهم, ودهم , حبهم للضيف وروايات تتمايل معها طرب

لكن علقت بذهنى قصه وجدتها حاله انسانيه تستحق أن يعيها عقلى ويتفحص جوانبها وأن يذكرها قلمى وتحتويها أحضان مدونتى

تدور القصه حول أحد الصيادين الذى يعمل فى الصيد بواسطة الكلاب المدربه كان هذا الصياد خارج لتوه من تجربة زواج فاشلة هجر على أثرها المجتمع ليسكن وحيدا فى كوخ بعيدا . أختار الصياد من كل كلابه المدربه كلب مخلص واحد فقط ليصاحبه فى منفاه الاختيارى  ولد هذا الكلب من أب ذئب  لكنه تعلم من أمه الوفاء

صار هذا الكلب رفيق الصياد برحلات صيده  وشريكه فى كوخه ونديم كأسه  أعتاد الكلب أن ينام بأحضان الصياد وان يستمع لحكاياته كل ليله  دون ملل او كلل

لكن لأن دوام الحال من المحال فقد صادف الصياد بأحد رحلات صيده فتاة جميله جدا  استطاع ان يخلصها الصياد من أيدى خاطفيها وعلم بعدها إنها جاريه سلبت من بلاد بعيده

أصطحبها الصياد الى الكوخ لتعيش معه ثم تطورت الى حالة حب ومن ثم زواج كان الكلب فى كل هذا رفيق لحواراتهم ولضحكاتهم وللحظات الغزل والعشق  لكنه لم يكن يدرى أنها بمجرد الزواج سوف يترك كوخه ليعيش  لياليه الباردة نائم أمام باب الكوخ وحيدا يتسمع لضحكاتهم من بعيد

أشهر قليله وأصبح للكلب شريك ثالث فى صاحبه فقد رزق الصياد بولد صغير , أعتاد الكلب على أن يكتم غيظه وأعتاد على أن ينام يحرس صاحبه خارج الكوخ وحيدا  , لم يمنح القدر الصياد فرصه أكبر للاستمتاع بالزوجة الجميله فأصابها مرض وماتت على اَثره وتبقى الصياد وكلبه وأبنه الوحيد

لكن كيف لهذا الصياد أن يغدوا لصيده ويترك ولده وحيد فى هذا المكان المهجور ؟ لكن لابد لهم من طعام , ثقة الصياد فى كلبه كانت بلا حدود فأصبح يترك الولد بصحبة الكلب  ويذهب للصيد ويعود بالمساء وينام بكوخه مع الكلب والولد

ذات مساء وعند عودت الصياد من الصيد صدمه ما رآه لم يجد الولد , فقط وجد الكلب وقطرات الدم تتساقط من بين أنيابه وهو يلهث وينظر الى الصياد

أصاب الصياد حاله من الجنون تذكر أن هذا الكلب أبن لذئب , وكيف له أن يؤمن أبن الذئب على ولده ؟ تعالت صيحاته وحمل عصاه وانهال على راس الكلب بضربات قاتله كان كلما رفع يده بعصاه رفع الكلب رأسه ونظر اليه ودموعه تنساب ولا يقاوم  كانت عيون الصياد تهرب من أن تلاقى عيون الكلب وينهال بأقصى قوه على رأسه حتى لفظ الكلب أنفاسه

جلس الصياد على باب الكوخ يبكى أبنه ويلعن كلبه ….. لحظات مرت فى صمت رهيب لم يقطعها إلا صوت من أعلى شجره أمام الكوخ لطفل يبكى …. رفع الصياد رأسه فوجد طفله معلق  بعناية وسط تجمع للأغصان تحميه من السقوط قفز الصياد اليه فوجده  بخير وبعض قطرات الدم تلوث ثيابه

حنظله 2[6]جال الصياد حول الكوخ وجد أحد الذئاب مقتول وملقى خلف الكوخ وبفمه بعض الأجزاء من ثوب الطفل

سقط الصياد على ركبتيه منهار عندها فقط أدرك أن الكلب خاض معركة دامية مع الذئب "أباه" حتى قتله وحمى الطفل من أنيابه

عندها أدرك الصياد معنى دموع الكلب حين أراد قتله , لم يبكى الكلب خوفا من الموت  بكى الكلب لغدر  لفراق صاحبه .

          شكرا يا عم بدر يا سودانى يا جميل

الخميس، 10 ديسمبر 2009

على مصطبة شيخ البلد 7

                                                                  الريف

حنظله 2أستمتع كثيرا بالحديث عن الريف أشعر بحالة عشق تجاه كل ما هو ريفى أشعر بمسئوليتى تجاهه وتجاه فلاحيه  أتألم لآلامهم وأفرح لفرحهم

حين يجتاحنى الملل – وكثيرا ما يحدث- أهرب الى غيطانه أقتطع سويعات لإعادة شحن بطارياتى  أرى الكبرياء فى شموخ النخيل وأشجار الكافور  وأشعر بالقشعريرة لرؤية مياه الجداول تنساب  أمامى أملئ صدرى بنسيمه  أعانق بعيونى فلاحيه  وحيواناته التى أعشقها

أشعر بألم شديد  لحال الفلاح المصرى هذا الإنسان الجميل والدافئ فى أحاسيسه  الذى يمثل بمعالم وجهه وبخرائط الزمن التى رسمت على وجنتيه تاريخ بلد هى منذ فجر التاريخ تقدس الفلاح
أتوغل بخطواتى الى أعماق الغيطان – الحقول – كلما تقدمت أكثر أدركت واقع أخطر الفلاح لم يعد يمتلك من الارض إلا الفتات بضع قراريط من الارض المجهده  رغم إعادة تشكل معالم الحدود الفاصله بين الملكيات بالريف فلقد بدأت معالم إقطاعيات جديدة تظهر للوجود تتعجب إذا علمت أنها  ليست أملاك للفلاحين  فقد تحول الفلاح من مالك الى اَجير يزرع الارض مقابل قوت يومه 

حين تتساءل عن الملاك الجدد او طبقة الإقطاع الجديدة تكون الصدمة حين تعلم إنهم ليس إلا حفنه من كبار الموظفين والمستشارين ومديرى الإدارات ورؤساء الجمعيات الزراعيه والمجالس المحليه للقرى والمدن الصغيره
يتسلل اليك بلؤم ودون قصد نفس السؤال " من أين لك هذا" تجد نفسك تجلس على الارض وتعد على أصابعك سنوات الخدمه للموظف  فلتكن 30 عام وتضربها فى عدد شهور السنه لتجدها 360 شهر اى 360 راتب  وتضيف اليها الحوافز والعلاوات والرشاوى المستحقه  فلنقل 400 راتب  لو خصمنا من الراتب مصاريف الأكل والشرب والملبس وتعليم الابناء والدروس الخصوصية والسيارة والبنزين والعلاج وووو  ونخصم ليه؟!! فلنعتبره بخيل  ويوفر كل شهر 500 جنيه  ليكون إجمالى الراتب للموظف المحترم 200 ألف جنيه بالتمام والكمال مع العلم بأنه لم يسبق له السفر للخارج ولا يوجد لديه ميراث يغنيه
السؤال الأهم كم يبلغ ثمن الفدان الواحد من الارض ؟
الفدان الجيد فى حدود ال200 ألف جنيه وثمن أرض الإصلاح الزراعى فى حدود 100 ألف جنيه اى أن الموظف المحترم يستطيع شراء فى حدود من فدان الى اَثنين  فلنقل  خمس أفدنه فمن أين أتت العشرة أفدنه والعشرون ؟ ومن أين تأتى 200 فدان بجبل الصالحيه و500 بسيناء وأمثالهم بسهل الطينه ببورسعيد ؟
هل رواتب الحكومة المصريه تحسنت للحد الذى يفرز ملاك إقطاعيات بمثل ما هو موجود الآن بجنوب سهل الحسينيه ؟
تساؤلات كثيرة وكثيرة جدا تتسلل اليك لا تترك لك فرصه للاستمتاع فتجد نفسك تعود الى دارك وأنت مصاب بالاكتئاب والحسد والحقد الطبقى وربما خرج عليك من يتهمك بالشيوعية

هل تعلم
هل تعلم أن نسبة العاملين بالزراعة فى مصر "الفلاحين" تصل الى نحو  55% من القوى العامله فى مصر  وأنهم لا يملكون نقابه تحميهم ولا تأمين صحى يعالجهم ولا معاش يؤمن لهم حياه كريمه فى اَواخر أيامهم
هل تعلم أن إنتاجية القيراط الواحد  لا تتعدى نصف ما ينفق عليه من أسمده فقط
هل تعلم أن الفلاح هو المصرى الوحيد الذى يسدد الضريبة العقاريه على الارض- التى كان يملكها قبل سنوات طويلة وتم بيعها-  حنظله 2[5]ومازال مستمر فى الدفع خوفا من قيام الحكومة بالحجز على حوائط الدار  ولا أدرى لماذا لا يحجزون على الارض ذاتها ويتم الحجز على الدار أم أن الحكومة متاكده أنه لا يملك سوى الدار؟
هل تعلم أن الفلاح أصبح هو المتهم الوحيد بالزيادة السكانية فى مصر  وربما يخرج علينا قانون بإزالة رجولته وجعله من الخصيان
هل تعلم أن 99% من علماء وأطباء وفنانين وقادة ونوابغ مصر من الريف

للحديث بقيه